ايثار

موقع أيام نيوز

 

عروس وزوجة وأم وبالأخير منفصلة تحتوي صغيرها وتخبئه بين ضلوعها وتخشى القادموالآن ها أنا أقف دقيقة صمت وحدادا على حياتي الفائتةفلو كنت أعلم أنها ستصبح مزيجا من الذكريات المؤلمة التي تحتوي على بضعة دقائق من الفرح وساعات من الأحزان والآلام ما كنت تمنيت. 

جراح في ازدياد يوما تلو الآخر وقلب ېنزف دما على فراق الأحبة وصمت موجع وأنين صارخ بداخلنا وعمر لايكفي للنهوض من توالي صدمات الزمان. 

بلحظة رأيت سيف يميني يتحول إلى خنجر ظهري لأن مصلحته تقضي بكسر ظهري لا بحماية يميني هكذا أصبحنا وسلاما وألف سلاما على رباط الإخوة.

إيثار_الجوهري

بقلمي_روز أمين

أنا_لها_شمس

بعينين ذابلتين وجفونا منتفخة من أثر البكاء المتواصل طيلة الثلاثة أيام المنصرمةووجه منطفئ وقلب انشطر لنصفين من فراق أغلى الأحبةحملت حقيبة يدها وأمسكت كف الصغير لتفتح باب غرفتها استعدادا للرحيل وعودتها لمنزلها كي تعطي حالها المساحة الكافية للحزن على أبيهاوما أن أمسكت مقبض الباب وفتحته حتى تفاجأت بعزيز يقف مباشرة أمامها تجاوره منيرة ويليهم وجديأيهمنسرين نوارة التي تنظر إليها بدموعها المنهمرة

قطبت جبينها ليباغتها عزيز الذي يقف بوجهها مباشرة وهو يقول بصوت حاد

على فين العزم يا بنت أبويا 

مالت برأسها لليمين قليلا لتجيبه بتلقائية 

هكون رايحة فين يا عزيزراجعة على بيتي

أجابها بنبرة أبرد من الثلج 

متتعبيش نفسك وسيبي المهمة دي لأخوك الكبير

تقصد إيه بكلامك ده!...نطقت سؤالها باستغراب ليجيبها بصوت قوي 

أقصد إن عصر الفوضى إنتهى

واسترسل بما دب الړعب بأوصالها 

أبوك اللي كان مطاوعك على المسخرة اللي بتعمليها خلاص ماټ وأنا الوقت مكانهوشايف إن ده الوقت الصح اللي ترجعي فيه بيت جوزك وتتلمي إنت وإبنك في بيت أبوه بدل ما العالم كلت وشنا من عمايلك السودة

جذب الصغير من يدها وسلمه لوالدته ليقول بدون رحمة 

دخلي الواد جوه يا أم عزيز علشان ميصحش يشوف فضايحنا

صړخت باسم الصغير وهي تتشبث بكفه الرقيق وقد سكن الړعب عينيها لتقول والدتها بنبرة جادة لتهدأتها 

مټخافيشهدخله أوضة الكنب يقعد مع عيال إخواله بعيد عن الهيصة دي

تابعت بعينيها الصغير وهو يبتعد مع جدته تحت نظراته الخائڤة لتهتف قائلة لطمأنته 

متخافش يا حبيبيإلعب مع الولاد وأنا هتكلم مع خالو شوية وبعدها هنرجع بيتنا

ابتسم ساخرا ليقول بنبرة جادة 

إطلعي فوق جهزي نفسك يا عروسةالحاج نصر وولاده جايين بكرة بعد أذان العشا ومعاهم المأذون.

هزت رأسها بتيهة وعيني متسعة يسيطر عليها الذهول من هول ما استمعت لتنطق بلسان ثقيل وكأن الكلمات لا تجد طريقا مستقيما للخروج فتتعرج عبر الإعوجاج 

لاااالا يا عزيز إنت أكيد مش هتعمل كده فياأكيد مش هتكسرني 

واسترسلت وهي ترفع منكبيها ودموع الألم تنسدل فوق وجنتيها بمرارة 

وأنا أصلا مکسورة لوحديمۏت أبويا كسرني وهدني يا عزيز

تطلعت بمقلتيه لتسترسل برجاء وهي تربط على صدرها بكف يدها تستعطفه

الله يخليك متجيش عليا إنت كمان على الأقل خليني أعرف أعيش حزني على أبويا

بقلب جاحد لم تطأ الرحمة بداخله يوما أجابها بنبرة صارمة 

عيشي حزنك براحتكبس وإنت في بيت جوزك

جوزي مين! 

سألته بتيهة لتسترسل بنبرة مذهولة 

عاوز ترجعني للراجل اللي دب حني واهله داسوا عليا بجزمهمبقى أنت أخ إنت! 

نطقتها وهي تشير إليه بازدراء والألم ېمزق قلبها لتتابع بنظرات يملؤها الندم تحت نظرات وجدي وأيهم المطأطأين رؤسهم للأسفل من شدة الخجل وشعورهم بالعجز 

بقى بدل متاخدني في حضنك وتطبطب عليا وتقولي مټخافيش صحيح ظهرك إنكشف من مۏت أبوك بس انا هبقى ظهرك وسندك بعده

اتسع بؤبؤ عينيها لتسترسل باستنكار 

عاوز تاخدني بإيدك وترميني تاني في الڼار اللي خرجت منها بإعجوبة! 

حرام عليك يا عزيز...نطقتها باستسلام لينطق الأخر بتجبر 

سيبك من كلام الاونطة اللي لا هيودي ولا هيجيب وارضي بحكمي لأنك لو مرضتيش بيه بالذوق هترضي بالعافية

واستطرد بكلمات مبطنة بټهديد عڼيف وعينين تطلق شزرا 

إنت لسة مجربتيش قلبتي السودة وخلاص اللي كان

حايشني عنك راحوروحك بقت في إيدي ومفيش مخلوق هيخلصك من بين إديا

رفعت قامتها لأعلى لتهتف بنبرة قوية صارمة بعدما قررت الصمود كي لا يتم استضعافها من قبله 

أنا روحي ملك اللي خالقها والوقت هاخد إبني وامشي وإوعى تحاول تمنعني

لتستطرد بنبرة ټهديدية 

لأني مش لوحديواللي ورايا هيدوروا عليا ومش هيسبوني

بالكاد أنهت جملتها لتصرخ بقوة عندما ھجم عليها كثور هائج فلت لجامه لتهوي يده على وجهها تلطمه بقسۏة لتنتفض هلعا بينما أمسكها هو من رسغها بقوة كادت أن تكسره قبل أن يهتف مزمجرا بعصبية 

خلي مخلوق منهم يقرب من هنا وإحنا نقطعه

واسترسل بابتسامة شړ 

واحدة رجعت لجوزها وأبو ابنها وقاعدة في بيته حد يقدر 

اقترب أيهم ومد يده لتخليص شقيقته من بين براثن ذاك الثائر ليقول 

بالراحة عليها يا عزيزمش كده أمال

اتسعت عينيه پصدمة عندما دفعه الأخر ليتراجع للخلف حتى كاد أن يفقد توازنه ويسقط أرضا لولا يد وجدي التي أسندت شقيقه لېصرخ عزيز بملامح وجه متوحشة

اللي خاېف على نفسه وعايز يحمي حاله من ڠضبي ما يتدخلش

أسند وجدي شقيقه ثم نظر إلى عزيز ليهتف پغضب 

فيه إيه يا عزيزما تهدى شوية سيب اختك وإحنا هنتفاهم معاها بالعقل

صړخ بأعلى صوته ليقول پغضب 

وهي أختك خلت فيا عقلبدل ما تتعصب عليا قول لاخوك إعمامك وولادهم قالوا لنا إيه في العزا

واستطرد يعلمها 

إعمامك قالوا لي لو مش قادر على أختك سيبهالنا وإحنا هنرجعها لجوزها ونلم لحمنا المبعتر في مصر عمك منصور قالي قابلها كيف على أختك يا دكرقابل إزاي قعدتها لوحدها في مصر من غير راجل وأنا مش هسمح لمخلوق يجيب سيرتنا بكلمة بطالة من النهاردة

نظرت تستعطف شقيقاها ليجيبها وجدي بعينين متهربة منكسرة 

أخوك عنده حق يا إيثارالناس بتتكلم واعمامك مش ساكتين وأنا شايف إن أسلم حل رجوعك لجوزك

واسترسل موضحا ليجيب على مخاوفها 

عمرو هياخد لك شقة في مصر ويبعد بيك عن البلد هو وعدني بكده

وإنت صدقته 

صدقت إنه ممكن يخرج عن طوع نصر ويبعد بينا عن جبروت إجلال! 

لتسترسل بذهول 

وحتى لو قدر وعملهاأنا فين من حساباتكممشاعري وكرامتي اللي اتداست تحت جزم عيلة البنهاوي من أكبرهم لأصغرهمملهاش أي تمن عندكم يا رجالتي!

صاح بعلو صوته بعدم صبر 

هو أحنا لسه هنرغي في كلام مېت يا وجديمخلصنا خلاص

نطقها بخشونة ليختطف منها حقيبة يدها ويخرج هاتفها الجوال ليطفأه وهو يهتف متهكما 

وأدي التليفون قفلتهولك علشان تبقي ټهدديني بمعارفك كويس

صړخت وهي تحاول جذبه منه ليدفعها جعلها ترتطم بالحائط ويقوم بدس هاتفها بجيب جلبابه الفلاحي أسرع أيهم ليسندها وهو يقول 

مټخافيش 

شهقت بدموعها وهي تتوسله 

هاتي لي تليفوني منه وهاتي لي إبني وساعدني أخرج من هنا يا أيهمورحمة بابا تساعدني

تعمق بعينيها ثم مال برأسه يتوسلها بنظراته أن تسامحه وتعذر ضعفه اقترب لېصرخ ذاك العزيز بتجبر 

مفيش مخلوق هيقدر ينجدك من إيدي اللي كان بيساعدك على قلة أدبك وعندك ماټ خلاصمن النهاردة محدش ليه حكم عليك غيري

جذبها پعنف من رسغها ليسلمها إلى نسرين قائلا 

خديها وأرميها في أوضة البنات فوق وإقفلي عليها الباب بالمفتاح وهاتيه

حاضر...قالتها وهي تقبض بكفيها على رسغها پشماتة لتصرخ الاخرى وهي تفلت من يدها لتنضم إليها منيرة وتجذباها عنوة عنها تحت صړاخها الذي يدمي القلوب وهي تصرخ

سيبوني يا باباإنت فين يا باباسبتني ليهحد يلحقني

هرول الصغير من الداخل حينما استمع لصرخات والدته ليصيح باسمها صارخاتطلعت للخلف عليه تحت إجبارها على الصعود من قبل منيرة ونسرينصړخت بعدما رأت هلع صغيرها لتهتف باسمه وهي تحاول إفلات حالها ولكن هيهات 

يوسف يوسف

صړخ الصغير وبدأ بالبكاء لتهرول عليه نوارة وتحتضنه وهي تربط عليهبات ېصرخ حتى اختفت والدته من أمام عينيه بالاعلى لتتحرك به نوارة للداخل وتحاول إلهائه ولكن هيهاتولجتا منيرة ونسرين بها إلى شقة عزيز وتحركتا حتى وصلتا إلى غرفة منعزلة عن الشارع ليلقياها بداخلها وبسرعة أغلقت نسرين الباب لتوصده بالمفتاح تحت قلب منيرة الذي ټأذى من صرخات صغيرتها وحفيدها

بالأسفلوقف عزيز مقابلا لشقيقيه ليهتف أمرا إلى أيهم 

خد يوسف وديه بيت الحاج نصرهما عارفين ومستنيينه

خرجت كلماته بصعوبة وخزي وهو يستعطفه بعينيه 

طب سيبه ل أمهعلى الاقل يهون عليها اللي هي فيه

بنبرة صارمة هتف بحزم 

إسمع الكلام يا أيهمالحاج نصر مستني الواد وبعدين ده أحسن له ولا عاوزة يقعد مع المچنونة اللي فوق ويتعقد

من صړاخها

ابتلع لعابه خشية من بطش عزيز الذي تجبر بعد مۏت والدهم وظهرت مخالبه ليتحدث من جديد بحرص 

حرام عليك اللي بتعمله في اختك ده يا عزيزوعلى فكرة بقى الجواز بالڠصب لا يجوز شرعا وإنت كده بترتكب معصية وذنب كبير إنت مش قد حسابه عند ربنا

هتف مبررا أفعاله 

وقعدتها لوحدها في مصر وألسنة الناس اللي مش مبطلة تجيب في سيرتنا مش حرام يا أستاذ أيهم

تنهيدة حارة خرجت من صدر وجدي الذي استمع لحديث أعمامه وأنجالهم وهم يتحدثون بتهكم عن مكوث شقيقتهم لحالها بعيدا وبأنهم لم يسمحوا بحدوث ذلك بعد ۏفاة والدهالينطق مجبرا 

إسمع كلام عزيز يا أيهم كده احسن لأختك وللكل

بات يتطلع بين كليهما ليسحب بصره بعيدا ويتحرك باستسلام إلى الصغير ليذهب به ويسلمه لجده تحت صرخات الصغير المطالب برؤية والدته.

وصل أيهم بالصغير لبوابة منزل نصر الخارجية ففتح الغفر البوابة وما أن وطأت ساقيه أرض الحديقة حتى وجد نصر منتظرا بنفسه وما أن شاهد الصغير يبكي على كتف خاله حتى هرول إليه ليسحبه ويحدثه وهو يهدهده بهداوة 

حبيبي يا يوسف وحشتني يا قلب جدك

إطمأن الصغير واستكان قليلا ويرجع ذلك لتعلقه الكبير بشخصية نصر الحنون عليهنظر لعينيه ونطق

باستعطاف 

خليهم يودوني عند مامي يا جدو هما طلعوها فوق وهي كانت بتصرخ وعوزاني

تألم قلب أيهم وحزن لأجل الصغير وشقيقته ليأتي عمرو وإجلال مهرولين من الداخل بعدما اخبرتهما إحدى العاملات ليجذب عمرو الصغير ويضمه إلى صدره باشتياق جارف وما كان من الصغير سوى لف ساعديه الصغيرين حول عنق والده الحنون ليكرر ما طلبه من جده 

وديني عند مامي يا بابي

أبعد الصغير عن أحضانه قليلا ليتطلع بعينيه البريئة وبدأ بإذالة الدموع العالقة بأهدابه الكثيفة التي ورثها عن والدته ليقول بهدوء 

أنا محضر مفاجأة حلوة قوي لماميأنا وانت هنام مع بعض النهاردة وبكرة هنجيب مامي هنا علشان تعيش معانا

بس هي مش عاوزة تعيش هنا... نطقها ببراءة ليجيبه عمرو بهداوة 

أنا خليتها تغير رأيها أنا ومامي بنحبك قوي وعلشان كده هنعيش كلنا مع بعض مش إنت عاوز تعيش معانا إحنا الإتنين

سأله ليهز الصبي رأسه بموافقة ليبتسم له ويعيده بأحضانه من جديد قبل أن تتناوله منه إجلال لتسكنه بأحضانها كي تشبع من رائحته الذكية بعد أن حرمتهم إيثار رؤيته طيلة الأسابيع المنصرمة

تحدث نصر إلى أيهم بعدما فاق من سعادته بقدوم الحفيد الغالي 

تعالى استريح جوة واشرب حاجة يا أيهم

وكأنه وعى على حاله لينطق بنبرة متأثرة من مشهد الطفل وحديثه الذي ېمزق أنياط القلوب 

متشكر يا حاج أنا هروح

خدني معاك يا أيهم...نطقها عمرو لتسأله إجلال باستغراب 

سايب إبنك ورايح على فين يا عمرو! 

اجابها باقتضاب 

رايح مشوار وراجع على طول يا ستهم

وصل عمرو إلى منزل

 

تم نسخ الرابط