صفاء
المحتويات
احتوت على تلميح فج غير مقبول أبدا انطلقت تهاني صوبها مدفوعة بحنقها وراحت تدفعها دفعا للخارج وهي تصيح بها
امشي من هنا اطلعي برا.
ثأرا لكرامتها ردت عليها ابتهال تتوعدها وقد توقفت عن ذرف الدموع فجأة لتبدي لها نوايا غير طيبة تجاهها
ماشي وأنا هقول الناس على اللي بتعمليه يا محترمة!
هدرت في ذهول كبير
أنا بعمل إيه
كل يوم مع راجل شكل والله أعلم بتعملوا إيه سوا.
انقطعت أنفاس تهاني في صدمة جلية بينما ابتهال تزيد في إرعابها بكلامها المهدد
تخيلي بقى لو أنا حطيت شوية بهارات على اللي بشوفه.
لتؤكد على تحذيرها الخطېر استرسلت تنذرها بجدية
والكل هيصدقني لأني معنديش اللي أداريه ولا حتى أخاف إنه يضيع مني.
طب جربي تعملي كده وهايبقى آخر يوم ليكي هنا يا ابتهال!
وضعت يدها أعلى منتصف خصرها ثم ساومتها بخبث وهذا الهدوء مستبد بها
وليه نعادي بعض من الأساس خلينا زي ما احنا وأنا يدوب هاخد حتة من التورتة اللي إنتي غرقانة فيها ويا دار ما دخلك شړ.
خدي راحتك وماتستعجليش في الرد.
تركتها ابتهال على حالتها المصډومة وغادرت لتقوم تهاني بغلق الباب وهي ترتعش كليا ظلت تعبيراتها مصعوقة وعيناها مذهولة. بالكاد تمكنت من التماسك وهي تسير شبه زاحفة بخطواتها نحو الفراش. أخذت تردد مع نفسها في توجس شديد
التنازل يبدأ بمرة تتنحى فيها المبادئ جانبا ثم يستمر ذلك في الحدوث تباعا كحبات العقد حينما تنفرط من رباطها وتتناثر في كل اتجاه ليتحول في الأخير لأمر إلزامي على صاحبه! جاء بدري لزيارة زوجته في بيتها
بعد تحديد ميعاد مسبق جلسا معا بالصالة وبمفردهما فتوهمت الأخيرة أنه أتى بالبشارة ليسعدها بأخبار سارة تخص إعلان موعد زفافهما لكنه صدمها بمسألة سفره للخارج فوجمت وجفل قلبها. ابتلعت فردوس ريقها بصعوبة وسألته بتعابير شاردة ونبرة مهتزة
أجابها ببرود تام
مافيهاش حاجة لما يتأجل شوية.
زحفت الدموع إلى مقلتيها حتى بدا وجهه مشوشا في عينيها تجاهل ما تشعر به وزفر معللا لها رغبته
مش أحسن ما يبقى حالنا على أده ده أنا هشتغل عشان أجيبلنا بيت يبقى بتاعنا لواحدنا.
حين رفرفت بجفنيها انسكبت عبراتها على صدغيها لتبكي في صمت مقهور ورغم هذا لم يبد بدري متأثرا بحزنها الجلي لكنه حاول أن يظهر تعاطفا غير موجود فيه فربت على ذراعها في رفق وتابع
تفرس فيها بناظريه وأدرك حينها أنه منذ اللحظة الأولى لم يشعر بالانجذاب إليها حاول إرغام نفسه على تقبلها وأكمل ما ظن أنه مناسب لشخص مثله لا يملك إلا القليل فارتضى بها شريكة في حياته لن تشتكي فقره ولن تطمع في تحقيق ما يفوق قدراته ومع ذلك ظل هذا النفور سائدا لكن ما لبث أن ازداد تعمقا به حينما لاحت هذه الفرصة الذهبية في الأفق فكيف له أن يضيع ما أوشك على الظفر به مقابل التمسك بها حضر من تأملاته الشاردة لينعكس ضيقه على تقاسيم وجهه عندما خاطبته فردوس بحزن
طب ما تاخدني معاك واهوو ناخد بحس بعض.
هتف منتقدا ما رددته بحدة
شيفاني يعني غاوي غربة وپهدلة
انتفض بدنها من صراخه رغم خفوت نبرته فتنفس من بين أسنانه ببطء ليضبط حاله لم يرغب
لما أرتب أموري غير كده مش هاقبل على نفسي أبهدلك في بلاد غريبة يا بنت الناس.
داهمها الحزن أكثر فخشي أن تنوح ويتضاعف بكائها فتأتي والدتها لمحاسبته لذا أضاف ملطفا ولو كان كڈبا
أنا مستغناش عنك.
استسلمت مصدقة عذب كلامه وقالت بصوت مهموم
هاقول إيه غير أمري لله.
انتفخ صدره في ارتياح بعدما أتم مهمته بنجاح ليعلق باسما في حبور
تعيشي يا بنت الأصول.
فهمي أمك بقى على الحكاية وأنا هعدي عليكي تاني.
قام واقفا وودعها في الحال
سلام.
اصطحبته إلى الباب وهي تمسح بقايا دموعها براحة يدها لتستدير دفعة واحدة فور أن أغلقت الباب لتنظر إلى والدتها التي بادرت بسؤالها
في إيه يا فردوس قالبة سحنتك ليه!!
مع انحدار الشمس نحو المغيب كان كلاهما يقفان عند الجراج الملحق بالمشفى أمام سيارته في انتظار وصول العربة التي تقل تهاني إلى مسكنها فالأخيرة قد أصرت على إعادة ما استعارته من كتب ومراجع إليه لتنهي بذلك السبب الذي يدفعها لمقابلته. لاحظ ممدوح
إنتي مش معايا النهاردة في حاجة مضايقاكي
تنبهت من شرودها المحفوف بما يزعجها ويقلقها من نوايا ابتهال غير المعلومة لها لكنها حتما لن تشارك مخاوفها معه. تصنعت الابتسام وردت
لأ عادي شكرا مرة تانية على الكتب أنا ممنونة ليك.
وضع يده في جيب بنطاله وعقب باسما
قالت كنوع من المجاملة
حاضر.
أملت أن تصل العربة في أي لحظة لتعفي نفسها من هذا الحرج ومن إيجاد أي مبررات لتفسير موقفها الحذر معه اندفعت ناظرة إليه بنظرة ضيقة عندما تكلم مرة أخرى في صوت هادئ لكنه جاد
المهم أنا كنت عاوز أبلغك بسفري.
سرت خفقة غريبة في قلبها لأن ذكره لمسألة السفر أنعش ذاكرتها بما بذلت كل الجهد لنسيانه
إنت هتسافر
أطلق زفرة بطيئة من جوفه وعقب بلهجة شبه منزعجة
إن كان عليا مش حابب بس مضطر أرجع.
أبقت عينيها عليه فأكمل بلؤم مدروس
أنا لازم أطمن على الباشا فؤاد.
ظهرت الحيرة في وجهها فأعطاها التوضيح المطلوب والذي كان متيقنا أنه سيؤثر فيها
والد مهاب.
أحست بغصة قاسېة تحز في قلبها قاومت انعكاس تأثيرها عليها وحافظت على جمود ملامحها إلا أن نظراتها نطقت بما لم يبح به لسانها. ابتسم في مكر وأردف
وهبعتله سلامك طبعا.
زفر
ممدوح الهواء عاليا ليضيف بعدها
أنا مش عارف هيعدي عليا الكام يوم دول إزاي
التفتت تنظر إليه في شيء من الاستنكار لكنه أبدى أسفه النادم في التو
أعذري جراءتي شوية بس أنا خدت على إني أشوفك كل يوم ولو لدقايق.
لعقت شفتيها وهتفت مشيرة بيدها للأمام نحو حافلة صغيرة قادمة من على بعد
عربيتي جت.
ودعها ويده ممدودة لمصافحتها
خدي بالك من نفسك.
ارتجفت من تصرفه المبالغ فيه فلم يكترث وسألها وهو مسبل عينيه تجاهها
في حاجة حابة أجيبهالك معايا وأنا جاي
سحبت كفها هاتفة بارتباك
لا شكرا.
همت بالابتعاد عنه لكنه مجددا اعترض طريقها ليعترف بنزق زاد من ربكتها
هتوحشيني.
حذرته بنظرة مدهوشة
دكتور ممدوح.
تراجع خطوة للخلف وقال مطرقا لرأسه
أنا أسف...
ما لبث أن ثبت نظره عليها ليتابع بتخطيط مدروس
بس اتعودت أعبر عن اللي بحسه بصراحة للناس الغاليين عندي.
حافظ على تبسمه العذب وهو ينصرف تجاه سيارته
أشوفك على خير يا دكتورة.
هو بيعمل كده ليه معايا!!
كان أول ما فعله عندما عاد إلى أرض الوطن هو الالتقاء برفيق الدرب وصديق السوء فكانا على موعد مع فتاتين من محترفات الإغواء في منزله الخاص بمغامراته الجامحة ليمضوا جميعا سهرة مميزة بها من المغريات ما يلهب الحواس ويشعل الرغبات. قص مهاب ما حاكه ببراعة ليجعل كفة الميزان ترجح لصالحه أثناء مواجهته مع أبيه في مقر عمله فنال بلا عناء رضائه وأوقع شقيقه الأرعن في مكره فأصبح الأخير هو المقصر والملام بدلا من تمجيده. كركر ممدوح ضاحكا وارتشف من كأس شرابه المسكر ليردد بعدها في إعجاب كبير
يا ابن الإيه ده إنت شيطان!
عشان ما يلعبش على النغمة دي كتير جملتين حلوين دخلت بيهم على الباشا الكبير على طول صدق واقتنع.
بعدئذ جسدها بذراعيه أصبحت كليا أسيرته ولم تظهر أدنى مقاومة له تركته ينهل عدد لا
وإنت سيد مين يلعب بالكلام! أستاذ!!
لممارسة طقوس العشق الآثم معه كانت وقفتها مائعة واستثارتها حاضرة فرمقته بنظرة تواقة متعطشة لفيض قوته طرح الأولى عنه بجفاء وكأنها نكرة لتسقط عند قدميه متأوهة من الألم المباغت الذي ضړب جسدها ليتحول صوت أنينها لضحكة مجلجلة وقدم مهاب تداعب بطنها المكشوف نظر لها بغير مبالاة وقال وهو يتخطاها
خدها أنا زهقت منها.
نهض ممدوح بتكاسل من موضعه لم يتمكن من الوقوف باستقامة فقرر التمدد بجوار الفتاة على البساط صاح هاتفا بترحاب غريب وهو يزحف تجاهها
هدية ماترجعش يا صاحبي!
شدها إليه فأصبحت لصيقة به ثم رفع جسده ليعتليها وأتون متقد من الحرارة ينضح من كل خلية فيه لم ټقاومه هو الآخر بل فتحت ذراعيها مستقبلة دفقات القوة بتلهف وكأنها لأول مرة تختبر مشاعر اللهفة. أقبل عليها ظافرا بمتعة عابثة معها إلى أن انطفأت جذوة الرغبة وارتوى من نهرها الجامح. نبذها بعدما فرغ منها وكأنها قطعة خردة لا قيمة لها لينهض عائدا إلى الأريكة ملقيا بثقل جسده المنهك عليها مد يده تجاه الطاولة ساحبا من علبة سجائره واحدة ليشعلها وراح يطرد دخانها ببطء.
بعد برهة انضم إليه مهاب وجلس في مواجهته وفي يده زجاجة الخمر سكب البعض في كأسه وسأله إن كان يرغب في مشاركته الشرب فقبل في التو ليشعل هو الآخر بعد ذلك سېجارة
تمهيد
ناوي على إيه مع الصيدة الجديدة!
لم يفهم مراده فرد عليه متسائلا
قصدك مين
بادله نظرة غامضة محملة بالكثير قبل أن يجيبه بكلمة واحدة
تهاني!
قهقه ضاحكا في استهزاء ليردد من بين ضحكاته ساخرا
أنا فكرتك بتكلم عن حد مهم..
عموما هي مش في دماغي.
جاء تعقيب ممدوح معاتبا
وده ينفع تسيب الساحة ليا كده ألعب فيها لواحدي
نفض مهاب رماد سيجارته المحترق بهزة صغيرة من إصبعيه وعلق بلا اهتمام
اعتدل ممدوح في جلسته هاتفا بتحفز طفيف
ومين جاب سيرة الجواز تلاقيك خاېف لأقطفها قبلك!!
أخبره بغطرسة واثقة
إنت عارفني مافيش واحدة تستعصى عليا مهما كانت فين!!
ثم مط فمه قليلا وأضاف بغرور معروف به
وتهاني مش هتاخد في إيدي غلوة!
لم يبد ممدوح مقتنعا بهالة السيطرة التي يحاول إبهاره بها فاستخف به مما جعله يزداد تحمسا لخوض هذه المغامرة فهتف يعلمه بما قرره في التو
تراهني هخليها تسلملي نفسها برضاها ومزاجها!!
تطلع إليه بهذه النظرة المستهترة وعلق عليه بلهجة شبه مقللة من شأنه
أيوه بكلامك الحلو وكاسك اللي يدوخ أسلوبك معروف وأنا حافظه كويس.
تحداه مهاب قائلا بصوت غامض ومثير
لأ هغير التكنيك خالص وهتشوف.
عندئذ تقوست زاوية فم رفيقه والتصقت بها ابتسامة لئيمة مطعمة بالتحدي ليستطرد معلنا قبوله الدخول في ذلك النوع من المراهنة الخطېرة
مستنيك تبهرني !!
يتبع الفصل التاسع
الفصل التاسع
القرار
غلبتها قلة الحيلة أمام تطفل هذه السمجة فلم تجد بديلا سوى الانتقال من السكن الحالي والبحث عن آخر يتوافق مع وضعها المادي والنفسي. الاختيارات المتاحة لديها كانت محدودة للغاية فوقع الخيار في النهاية بعد بحث استمر لمدة أسبوعين على مسكن أكبر في المساحة يضم ثلاثة غرف تشترك كل اثنتين في غرفة فيما عدا واحدة ظلت شاغرة. وقفت تهاني أمام باب الغرفة الأخيرة تتأملها بنظرات مزعجة
متابعة القراءة